[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]اياك واللعن اخي المسلم
اللعنة بمعناها الشامل المتضمن الطرد من رحمة الله - تعالى - تمثل
أحد مظاهر هذا الاندفاع المذموم الذي تصدى له النبي - صلى الله عليه
وسلم - في منهجه التربوي بالعديد من المناهي والتوجيهات فيقول -
صلى الله عليه وسلم -: «إني لم أبعث لعاناً وإنما بعثت رحمة»، «ليس
المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء»، «لا ينبغي لصديق
أن يكون لعاناً»، «لا يكون المؤمن لعاناً»، «لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بغضبه
ولا بالنار»، أي لا تدعوا على الناس بما يبعدهم الله من رحمته إما صريحاً
كما تقولون (لعنة الله عليه) أو كناية كما تقولون (غضب الله) أو (أدخله
الله النار) وقوله - صلى الله عليه وسلم - «لا تلاعنوا» من باب عموم
المجاز لأنه في بعض أفراده حقيقة وفي بعضها مجاز وهذا مختص
بمعين، لأنه يجوز اللعن بالوصف الأعم كلعن الكافرين وبالأخص كلعن
اليهود والمصورين والكافر المعين الذي مات على الكفر كفرعون وأبي جهل.
وعن زيد بن أسلم أن عبد الملك بن مروان بعث إلى أم الدرداء بأنجاد
(جمع نجد وهو متاع البيت الذي يزينه من فرش ونمارق وستور) من
عنده فلما أن كان ذات ليلة قام عبد الملك من الليل فدعا خادمه فكأنه
أبطأ عليه فلعنه فلما أصبح قالت له أم الدرداء سمعتك الليلة لعنت
خادمك حين دعوته، سمعت أبا الدرداء - رضي الله عنه - يقول قال
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يكون اللعانون شفعاء ولا
شهداء يوم القيامة» أي لا يشفعون يوم القيامة حين يشفع المؤمنون
في إخوانهم الذين استوجبوا النار ولا يكونون شهداء يوم القيامة على
الأمم بتبليغ رسلهم إليهم الرسالات، وقيل لا يرزقون الشهادة في سبيل الله.
وعن ثابت بن الضحاك - رضي الله عنه - قال (لعن المؤمن كقتله..) أي
في التحريم أو العقاب أو الإبعاد، إذ اللعنة تبعد من الرحمة والقتل يبعد
من الحياة الحسية، ولعل في هذه الكثرة من الأحاديث النبوية ما يؤكد
خطورة أمر اللعنة، وضرر المجازفة الحمقاء في طرد الآخرين من رحمة
الله في غرس معاني الكره والنفرة في الوقت الذي ينبغي أن يكون فيه
المجتمع الإيماني متماسكاً برباط المودة والحب، وأفراده كالبنيان
المرصوص يشد بعضه بعضاً، بل تتجلى جدية الرسول - صلى الله عليه
وسلم - في نزع جذور هذه الآفة من النفوس في أكثر من موقف مع
أصحابه الكرام فتارة مرشداً وتارة مستنكراً وتارة معاقباً.
قال جرموز الهجيمي: قلت يا رسول الله أوصني قال: «أوصيك أن لا تكون
لعاناً»، أي أن لا تلعن معصوماً، فيحرم لعن المعصوم المعين فإن اللعنة
تعود على اللاعن وصيغة المبالغة هنا غير مرادة.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]